جمعيات الآباء بين اختزال الدور وتطلعات الفعل التربوي: حالة قرية بن عودة نموذجاً
لا يختلف اثنان حول أن جمعيات آباء وأولياء التلاميذ تعدّ مكوناً أساسياً من مكونات المنظومة التربوية، فهي الجسر الرابط بين الأسرة والمدرسة، والفضاء الذي من خلاله تنعكس تطلعات الأولياء على واقع المؤسسة التعليمية. غير أن هذا الدور، الذي كان يفترض أن يتسع ليشمل الجوانب التربوية والثقافية والاجتماعية، أصبح في كثير من المؤسسات التعليمية محصوراً في أدوار تقنية وإدارية بسيطة، وهو ما يفرغ هذه الجمعيات من مضمونها الحقيقي كقوة اقتراحية وشريك فاعل في النهوض بالمدرسة العمومية.
وفي هذا السياق، يؤكد الفاعل المدني والحقوقي يونس بوخال، من جماعة قرية بن عودة، أن دور جمعية آباء وأولياء التلاميذ في المنطقة أصبح يقتصر فقط على استخلاص فواتير النقل الشهري، سواء في مدارس القرية أو في إعدادية الإمام مسلم. وهو وضع يعكس غياب رؤية شمولية للجمعية، حيث تحولت إلى مجرد وسيط مالي بدل أن تكون فضاءً للنقاش التربوي والتأطير الثقافي. هذا الواقع جعل العديد من الأسر يعتبرون الجمعية آلية إدارية محدودة النفع، في حين كان من المفترض أن تضطلع بدور أكبر في متابعة التحصيل الدراسي، وتنظيم الأنشطة الموازية، والدفاع عن حقوق التلاميذ.
إن اقتصار الجمعيات على الجانب المالي فقط يطرح عدة إشكالات، من بينها غياب المواكبة التربوية للتلاميذ وحرمانهم من فضاءات الإبداع والأنشطة الثقافية والرياضية التي تساعد على تنمية شخصياتهم وصقل مهاراتهم. كما أن غياب التواصل الفعّال بين هذه الجمعيات والأسر يضعف الثقة، ويجعل أولياء الأمور يشعرون بأن دورهم محصور في دفع المساهمات الشهرية دون مشاركة حقيقية في رسم ملامح الحياة المدرسية.
ويرى متتبعون أن هذا الوضع راجع بالأساس إلى ضعف التكوين لدى بعض أعضاء المكاتب المسيرة، إضافة إلى غياب دعم مؤسساتي ولوجستي يساعد على تنويع الأنشطة. كما أن هيمنة المقاربة الإدارية على عمل الجمعيات تجعلها تنشغل بالمهام التقنية على حساب الأدوار التربوية والثقافية التي أسست من أجلها.
أمام هذا الواقع، يبرز مطلب إعادة النظر في أدوار جمعيات الآباء بشكل ملحّ، عبر تمكينها من آليات عمل أكثر فاعلية، وتكوين أعضائها في مجالات التدبير والتواصل، فضلاً عن تشجيعها على بناء شراكات مع الفاعلين المحليين والجمعيات الثقافية والرياضية. ذلك أن المدرسة لا يمكنها أن تنهض بوحدها، بل تحتاج إلى محيط داعم يساهم في تحسين جودة التعليم.
وفي الختام، فإن كلام الفاعل الحقوقي يونس بوخال يسلط الضوء على إشكالية عميقة تعاني منها المدرسة العمومية في عدد من المناطق، وهي غياب الفعل الجمعوي التربوي الحقيقي، مقابل الحضور الباهت لجمعيات محصورة في الجانب المالي. ومن هنا، فإن إصلاح المنظومة التعليمية يمرّ بالضرورة عبر تقوية هذه الجمعيات، وتحويلها إلى قوة اقتراحية تساهم في رسم سياسات تعليمية محلية تتجاوب مع حاجيات التلاميذ والأسر على حد سواء.
#التنمية_المحلية
#جماعة_قرية_بن_عودة
#يونس_بوحال
#المستشار_الجماعي
#المواطن_أولا
#المسؤولية_المحلية
#خدمة_الصالح_العام
#حقوق_المواطن
#تنمية_المناطق
#المجتمع_المدني