يعد توفر الكفاءات المهنية والمعرفية والتعليمية عنصرًا أساسيًا لضمان سير التنمية المحلية في أي منطقة. غير أن الواقع الذي يعيشه إقليم القنيطرة، وخاصة بعض الجماعات القروية، يكشف عن أزمة حقيقية تتمثل في ضعف التأهيل وانعدام الكفاءة لدى مجموعة من رؤساء الجماعات، وهو ما أشار إليه الفاعل المدني والحقوقي يونس بوخال.
إن غياب هذه الكفاءات لا يعني فقط ضعف القدرة على تسيير الشؤون المحلية بشكل فعّال، بل يترتب عليه أيضًا تباطؤ أو حتى توقف المشاريع التنموية، مما يجعل سكان هذه المناطق يعانون من التهميش وغياب البنية التحتية والخدمات الأساسية. فالرئيس الذي لا يمتلك خبرة مهنية أو معرفة كافية بقوانين التسيير المحلي أو بآليات جلب الاستثمارات، يجد نفسه عاجزًا عن اتخاذ القرارات الصحيحة أو توجيه الموارد المتاحة نحو الأولويات الحقيقية.
كما أن هذا النقص في الكفاءة يفتح الباب أمام القرارات العشوائية أو المجاملة السياسية على حساب مصلحة المواطن، ويجعل الجماعات رهينة لبرامج ضعيفة أو غير مكتملة. ونتيجة لذلك، تبقى مؤشرات التنمية المحلية متدنية، وتستمر الفوارق المجالية بين الحواضر الكبرى والمناطق النائية في الاتساع.
الحل يكمن في ضرورة إعادة النظر في شروط تولي مناصب المسؤولية المحلية، مع اعتماد معايير واضحة تقوم على المؤهلات والكفاءة، بدل الاقتصار على الانتماءات السياسية أو الولاءات الشخصية. إضافة إلى ذلك، ينبغي تعزيز قدرات المنتخبين الحاليين عبر برامج تكوين مستمرة، لضمان حسن التدبير وتحقيق الأهداف التنموية المأمولة.
إن التنمية الحقيقية تبدأ من الإنسان، ولا يمكن بلوغها إلا بقيادات محلية واعية، مؤهلة، وملتزمة بخدمة المصلحة العامة، حتى تتحول المناطق المهمشة اليوم إلى فضاءات نابضة بالحياة غدًا.
---